الخميس، 18 يوليو 2013

دروس رمضان ليلة١٠

(شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ)
 
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ل حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقرؤا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه"

وقد أمر الله  بتلاوة كتابه، وبين أن هذا هو دأب الصالحين الصادقين، فقال سبحانه: (إِنَّ الذَّيِنَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرََّا وَعَلانِيَة ًيَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ، لِيُوَفيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِه إنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ) [ فاطر: 29، 30].
فقراءة القرآن هي التجارة الرابحة التي لا تبور، وذلك في جميع الدهور، وعلى مدى الأيام والشهور، لكنَّ لها في رمضان شأنًا أعظم وآكد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تزيد عنايته بالقرآن في رمضان، وذلك لأسباب:

— السبب الأول: أن ابتداء نزول القرآن كان في رمضان، فإن الليلة التي نزل فيها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِكَ الَّذي خَلَقْ ، خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُكَ الأَكْرَمُ ، الذي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ )[العلق: 1- 4] 

— السبب الثاني: أن رمضان هو الذي أنزل فيه القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا. كما جاء ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما-، وكما أطبق السلف على أن القرآن فُصِل من اللوح المحفوظ، وأُنزِل إلى بيت العزة في سماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان، ثم كان ينـزل على الرسول صلى الله عليه وسلم نجومًا بحسب الوقائع والأحوال، كما هو معروف في أسباب النـزول.

— السبب الثالث : أن جبريل كان يأتيه صلى الله عليه وسلم في رمضان فيدارسه القرآن كل ليلة، كما في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة"
وفي العام الذي توفي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عارضه جبريلُ القرآنَ مرتين 
إذن، فقد كان رمضان بالذات مخصصًا لتدارس القرآن بين جبريل عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم في كل سنة، بحيث يتم في كل رمضان مراجعة ما أُنزل من القرآن فيقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل يستمع إليه، ومن خلال المعارضة يتم إثبات ما أمر الله تعالى بإثباته، ونسخ ما أمر بنسخه ( يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتابِ ) [الرعد: 39]. كما أنه قد يتم – أيضًا- شرح معاني القرآن، وتدارسها بين جبريل والرسول صلى الله عليه وسلم .

— وقد أخذ أهل العلم من ذلك : مشروعية ختم القران في رمضان؛ لأن جبريل والنبي عليهما صلوات الله وسلامه، كانا يُنْهِيَان في كل رمضان ما سبق نزوله من القرآن، وفي آخر سنة أنهياه مرتين بالمدارسة والمعارضة -كما تقدم-، فهذا دليل على أنه يستحب للمسلم أن يقرأ القرآن الكريم كاملاً في رمضان مرة أو أكثر؛ بل إن السُّنة أن يختم القرآن في كل شهر مرة، وإن استطاع ففي كل أسبوع مرة بل إن استطاع ففي كل ثلاث ليال مرة، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم  ولذلك كان السلف يخصصون جزءًا كبيرًا من وقتهم في رمضان لقراءة القرآن، حتى قال الزهري - رحمه الله-: إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام.
وكان الإمام مالك - رحمه الله- إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث، وأقبل على قراءة القرآن الكريم من المصحف.
إذن، ففي رمضان أنزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، وفيه ابتدأ إنزال القرآن على المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وفيه كان جبريل يدارسه القرآن ويعارضه إياه؛ ولهذه الأسباب مجتمعة لابد أن تكون عناية المسلم بالقرآن مضاعفة في هذا الشهر الكريم، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالحين من بعده.


اللهم اجعلنا من المقبولين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق