السبت، 20 يوليو 2013

دروس رمضان ليلة ١٢

رمضان شهر الجهاد
 
 
لقد كان شهر رمضان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح هو شهر الجهاد، فإن أعظم معركتين في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانتا في هذا الشهر المبارك، شهر الجهاد والتضحيات والهمم.
أولاهما: معركة بدر الكبرى، التي كانت فرقانًا فرق الله تعالى به بين عهد الذل والاستضعاف وعهد العزة والتمكين للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ولأنها كانت فرقانًا وفيصلاً ومنعطفًا خطيرًا في مسيرة الدعوة؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر يرفع يديه إلى السماء، ويبتهل إلى الله سبحانه وتعالى حتى سقط رداؤه عن منكبيه وهو يقول: "اللهم نصرَك الذي وعدتني، اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعد اليوم في الأرض" حتى أشفق أبو بكر على الرسول صلى الله عليه وسلم فالتزمه ووضـع
رداءه على منكبيه، وقال: يا رسول الله، كفاك مناشدتَك ربَّك، فإن الله تعالى منجِزٌ لك ما وعد 
فنصر الله -جل وعلا- رسوله صلى الله عليه وسلم نصرًا مؤزرًا في تلك المعركة الحاسمة: ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ ببَدْرٍ وَأنتُم ْأذِلَّة فَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [آل عمران: 123].
الثانية: فتح مكة، وهي – أيضًا- من أخطر وأهم المعارك في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن مكة كانت مركز الجزيرة العربية، ومكان الحج والعمرة، ومهوى أفئدة الناس من كل مكان.
وكانت الوثنية مسيطرة عليها على مدى ثماني سنوات بعد هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، حتى لقد منع المشركون النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية من دخولها وأداء العمرة، فلما دخلها فاتحًا في السنة الثامنة دانت له الجزيرة كلها؛ ولهذا جاءت الوفود في السنة التالية مباشرة (التاسعة) من أنحاء الجزيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام.
ولذلك يصح أن يقال: إن فتح مكة هو الوقت الذي زالت فيه غربة الإسلام، وأصبح عزيزًا في أرجاء الجزيرة العربية، وسقطت سلطة الوثنية فيها.
والتاريخ الإسلامي مليء بالمعارك العظيمة التي كانت في رمضان، منها -مثلاً- معركة (عين جالوت) التي نصر الله فيها المسلمين، بقيادة المماليك على التتار؛ فانكسرت شوكتهم، وانحسر مدهم، ولم تقم لهم بعدها قائمة.
 
والحديث عن الجهاد في رمضان يحتَّم علينا الوقوف عند أمرمهم
وهوأن كثيرًا من المسلمين اليوم انعكست هذه المفهومات في نفوسهم؛ فلم يعد رمضان عندهم شهر الجهاد والعمل والتضحية، وإنما أصبح شهر الكسل والبطالة وفضول النوم، وهذا - بلا ريب- خطأ كبير، وانتكاس خطير، فالواجب أن يصحح هؤلاء الناس نظرتهم، 
والجهاد باب واسع يدخل تحته أعمال كثيرة: فهو يكون بالسلاح، ويكون بالمال، ويكون باللسان: أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، وتعليمًا للخير، ونشرًا للدعوة… إلى غير ذلك من سبل الجهاد.


اللهم اجعلنا من المقبولين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق