الأحد، 28 يوليو 2013

دروس رمضان ليلة٢٠

العمــــرة
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"
وهذا الفضل العظيم للعمرة عامٌّ في كل حين، وأما في رمضان فإن فضلها يتضاعف؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من حجة الوداع قال لامرأة من الأنصار اسمها أم سنان: "ما منعك أن تحجي معنا؟ قالت: أبو فلان -زوجها- له ناضحان حج على أحدهما، والأخر نسقي عليه. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حجة ، أو قال: حجة معي"
ويا له من فوز أن تكون كمن حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف معه بعرفة، وبات معه بمزدلفة، وأفاض بصحبته إلى منى، وطاف بجواره وسعى -كما هو المفهوم من ظاهر هذا الحديث-.
 
وإن مما يثلج الصدر أن نرى إقبال المسلمين على العمرة في هذا الشهر الفاضل، لكن هناك أخطاء يقع فيها بعض الناس في هذا الباب، فلا مناص من التنبيه إليها، وهي:
منها: أن بعض المعتمرين يهملون أهليهم الذين استرعاهم الله إياهم، فقد يسافر الأب والأم إلى مكة للعمرة، ويتركان أولادهما - من أجل الدراسة- في بلدهم، فيقضي الوالدان نصف رمضان أو أكثر في مكة، والأولاد طوال هذه المدة بدون رقيب، وقد يكونون من الصغار الذين لا يدركون، أو من المراهقين الذين يخشى أن ينـزلقوا في مزالق كبيرة - ذكورًا أو إناثًا-؛ بسبب استفزاز شياطين الجن والإنس لهم. وكفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول!
وقد يحدث الخطأ بصورة أخرى، وهي أن كثيرًا من الناس يسافرون بأهليهم إلى مكة، ثم يعتكف الأب في الحرم، أو يقضي غالب وقته فيه، ويغفل تمامًا عن مراقبة أبنائه وبناته، تاركًا لهم الحبل على الغارب؛ فينتج عن ذلك من المساوئ ما يندى له الجبين. ومن مظاهر ذلك ما رأيناه - ورآه غيرنا - في أطهر بقعة من التبرج، وتضييع الحشمة لدى بعض البنات .
حقًا ، إن اصطحاب الأبناء إلى البلد الحرام أمر طيب، فيه تربية لهم، وتمكين لهم من إدراك فضيلة الزمان والمكان، ومضاعفة الحسنات، فإذا كان الأب رجلاً حازمًا يستطيع أن يحافظ على رعيته فحبذا ذاك، وأما إن كان عاجزًا عن رعايتهم ومراقبتهم، وضبط تصرفاتهم؛ فليبقَ في بيته؛ طلبًا للسلامة من الفساد والضرر البالغ، الذي قد يلحق برعيته؛ فيرجع بوزرهم بدلاً من الرجوع بالثواب المضاعف.
ومنها: أن بعضًا من أئمة المساجد، ومن المصلحين: الآمرين بالمعروف، الناهين عن المنكر، والوعاظ، والموجهين؛ يتركون ثغورهم ويؤمون مكة؛ ليعتمروا ويقضوا العشر الأواخر هناك، ولا ريب أن من كان مرتبطًا بإمامة أو وعظ أو وظيفة يحتاج إليها المسلمون؛ فإن الأوجب في حقه أن يبقى على ثغره؛ فإن في ذلك من تحصيل المصالح المتعدية خيرًا كثيرًا. وإن أبى إلا الذهاب للعمرة؛ فليكن ذلك في مدة وجيزة يومًا أو يومين، يعود بعدها إلى مكانه؛ فإن من غير الحسن أن تخلو المساجد وغيرها من الوعاظ والمرشدين، والأئمة المؤثرين في هذا الزمان الفاضل - وخاصة العشر الأواخر-، فلينتبه الحريصون على الخير لذلك، ولينظروا إلى الأمور بميزان عادل.


اللهم اجعلنامن المقبولين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق