مع العيد
العيد اسم لكل ما يعتاد، والأعياد شعارات توجد لدى كل الأمم، سواء أكانت كتابية أم وثنية أم غير ذلك؛ ذلك أن إقامة الأعياد ترتبط بفطرة، طبع الناس عليها، فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسبات فرح يظهرون فيها السرور ، ويتذكرون الماضي.
وأعياد الأمم الكافرة ترتبط بأمور دنيوية، مثل قيام دولة، أو سقوطها، أو تنصيب حاكم، أو تتويجه، أو زواجه، أو بحلول مناسبة زمانية كفصل الربيع، أو غير ذلك.
ولليهود أعيادهم، وللنصارى أعيادهم الخاصة بهم، فمن أعياد النصارى العيد الذي يكون في الخميس الذي يزعمون أن المائدة أنزلت فيه على عيسى عليه السلام ؛ وكذلك عيد ميلاد عيسى، وعيد رأس السنة (الكريزمس)، وعيد الشكر، وعيد العطاء… ويحتفلون بها الآن في جميع البلاد الأوربية والأمريكية وغيرها من البلاد التي للنصرانية فيها ظهور؛ وإن لم تكن نصرانية في الأصل، وقد يشاركهم بعض المنتسبين إلى الإسلام من حولهم عن جهل، أونفاق.
وللمجوس – كذلك- أعيادهم الخاصة بهم، مثل عيد المهرجان، وعيد النيروز، وغيرهما.
وللرافضة – أيضًا- أعيادهم، مثل عيد الغدير الذي يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع فيه عليًا رضي الله عنه بالخلافة، وبايع فيه الأئمة الاثني عشر من بعده، وللرافضة في هذا العيد مصنفات كثيرة، حتى إن منها كتابًا اسمه "يوم الغدير" يقع في عشرات المجلدات.
أما المسلمون فليس لهم إلا عيدان: عيد الفطر، وعيد الأضحى. ففي سنن أبي داود والنسائي بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال صلى الله عليه وسلم: "كان لكم يومان تلعبون فيهما. وقد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى"؛ ولذلك قال الشاعر:
عيدانِ عند أولي النُّهى لا ثالث *** لهما لمن يبغي السلامة في غدِ
الفطر والأضحى، وكلُّ زيادة *** فيها خروجٌ عَنْ سَبِيل محمـدِ
قال ذلك ردًّا على الشاعر الذي أضاف عيدًا ثالثًا، هو عيد مولد محمد صلى الله عليه وسلم في قوله:
المسلمون ثلاثةٌ أعيادهــم *** الفطر والأضحى وعيد المولِدِ
فإذا انتهت أعيادهم فسرورهم *** لا ينتهي أبـدًا بحـبّ محمـدِ
وهذان العيدان اللذان شرعهما الله للمسلمين هما من شعائر الإسلام التي ينبغي إحياؤها، وإدراك مقاصدها، واستشعار معانيها.
* أحكام العيد:
أولاً: يحرم صوم يومي العيدين؛ لحديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر
ثانيًا: يستحب الخروج للصلاة، للرجال والنساء، لقول أم عطية- رضي الله عنها- ": أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق والحُيَّض، وذوات الخدور فأما الحُيَّض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين
فما دامت الحُيَّض والعواتق، وذوات الخدور قد أُمِرن أن يخرجن لصلاة العيد؛ فلا شك أن من الأولى أن يؤمر الرجال شيبًا وشبابًا بالخروج لها، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الخروج لصلاة العيد؛ لهذا الحديث، ولغيره من الأدلة؛ كقول الله تعالى: ( قَدْ أَفْلَحً مَنْ تَزَكَّى وَذكَرَ اسْمَ رَبِهِ فَصَلَّى) [الأعلى: 14- 15]. قال بعضهم : المقصود في هذه الآية صلاة العيد.
ثالثًا: من أحكام العيد أن الصلاة فيه قبل الخطبة، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر، وأبي سعيد، وابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى قبل الخطبة
رابعًا: يستحب للإمام أن يكبر في الصلاة سبعًا في الأولى، وخمسًا في الثانية، فقد ثبت هذا عن جماعة من الصحابة، والتابعين؛ كعمر، وعثمان وعلي وأبي هريرة، وابن عباس وأبي سعيد الخدري وأبي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وغيرهم.
وقد ورد في ذلك أحـاديث عدة عن رسـول الله صلى الله عليه وسلم من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ، ومن طريق كثير بن عبد الله المزني عن عمرو بن عوف رضي الله عنه. لكن كل تلك الأحاديث المرفوعة لا تصح. وإنما ثبت ذلك في آثار موقوفة.
ويجوز أن يكبر الإمام أربع تكبيرات في الركعة الأولى، وأربعًا في الثانية، فقد ثبت هذا عن جماعة من السلف، منهم ابن مسعود رضي الله عنه، كما رواه عن الفريابي وغيره. وهو مذهب الأحناف.
خامسًا: يستحب أن يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ"ق" و"اقتربت الساعة"، كما في صحيح مسلم أن عمر رضي الله عنه سأل أبا واقدٍ الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ فيهمـا بـ(ق وَالْقرْآنِ الْمَجِيدِ)[ق:1]، و( اقْتَرَبَت السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ) [القمر: 1] .
وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بـ"سبح" و"الغاشية" كما كان يقرأ بهما في الجمعة
سادسًا: لا نافلة قبل صلاة العيد ولا بعدها، كما روى الستة عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم العيد، فصلى ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما
إلا إن صلى الناس العيد في المسجد فلابد –حينئذ- من صلاة ركعتين تحية للمسجد.
اللهم اجعلنامن المقبولين
تتمة الدرس على الرابط التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق